التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

مقدمة المؤلف

صفحة 10 - الجزء 1

  

  الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على محمد الأمين، وآله الطيبين الأكرمين. ... وبعد

  فهذه تحفة للطالبين، وتبصره للمستبصرين، فيما يتعلق بأفعال المكلفين، من الخلاف بين المجبرة، وأهل العدل، وما دار بينهم في ذلك من عدم الإئتلاف، فنقول وبالله التوفيق، ونسأله الهداية إلى واضح الطريق:

  اتفقت المجبرة⁣(⁣١) على أن كل كفر وفسق وفحش، وزنا ولواط، وتظالم وإيمان وبر، وإحسان وقع فالله سبحانه الخالق له، والموجد له، وليس للعبد في ذلك قدرة مؤثرة، ولا اختيار، وأنه سبحانه يأمر وينهى بما لا يريد، ويفعل الفعل من دون حكمة وغرض، والجامع لما تعلقوا به في ذلك، الداعي⁣(⁣٢) والعلم، ونفي الحسن والقبح العقليين، وأن لا يقع في ملكه ما لا يريد، وتكليف ما لا يطاق، والآيات والأخبار التي ظاهرها الجبر، وأنهم السواد الأعظم لكثرتهم، ومناظرة إبليس والملائكة بعد أمره بالسجود.

  واتفق أهل العدل على أن العبد قادر بقدرة أعطاه الله إياها بها يتمكن من ايجاد الفعل، وتركه باختياره، وأن الله عدل حكيم، لا يكلف ما لا يطاق، وأن جميع أفعاله حكمة مقصودة له، وأنه متعال


(١) سميت المجبرة مجبرة لقولهم: إن العبد مجبر على ما هو منه من طاعة أو معصية. شرح الملل والنحل للإمام المهدي #.

(٢) حقيقة الداعي: ما يترجح لأجله وجود الفعل على تركه.