فائدة [في جواب أبي الهذيل عن الاستطاعة]
  له جعلت فداك ممن المعصية؟ فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك، فجلست فقال: إن المعصية لابد أن تكون من العبد أو من ربه، أو منهما جميعاً، فإن كانت من الله فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده، ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر، وإليه توجه النهي، وله حق العقاب والثواب، ووجبت الجنة والنار، قال: فلما سمعت ذلك قلت: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٣٤}(١) وقد نظم هذا المعنى شعراً فقيل:
  لم تخل أفعالنا اللاتي نذم بها ... إحدى ثلاث خلال حين نأتيها
  أما تفرد بارينا بصنعتها ... فيسقط اللوم عنا حين ننشيها
  أو كان يشركنا فيها فيلحقه ... ما سوف يلحقنا من لائم فيها
  أولم يكن لإلهي في جنايتها ... ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها
فائدة [في جواب أبي الهذيل عن الاستطاعة]
  قال أبو الهذيل: قال لي المعذل بن غيلان العبدي: يا أبا الهذيل إن في نفسي شيئاً من قول القوم في الاستطاعة فبين لي ما يذهب بالريب عني، فقال: خبرني عن قول الله ø: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ
(١) آل عمران (٣٤).