(15) حصار الشعب
(١٥) حصار الشعب
  كان أبو طالب شيخ قريش وكبيرها، وكان يدافع عن رسول الله ÷، فلم تستطع قريش أن تناله بسوء، فحاولوا فيه أن يدفع لهم رسولَ الله ÷ بكل ما أمكنهم حتى أنهم ذات مرة مشوا إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا، فإما أن تكفه عنا وإما تخلي بيننا وبينه، فقال رسول الله ÷: «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك فيه»، فقال أبو طالب: اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدًا. وجمع بني هاشم ودعاهم إلى ما هو عليه من منع(١) رسول الله فأجابوه إلا أبا لهب.
  فلما رأت قريش إصرار أبي طالب على مناصرة رسول الله ÷ وأيسوا منه اجتمعوا وتشاوروا وأجمعوا على محاصرة بني هاشم ومقاطعتهم، فلا يباع منهم ولا يشترى منهم، ولا يتزوج أحد منهم ولا يزوجهم، ولا يدخل أحد معهم في معاملة، ثم كتبوا صحيفة الحصار وعلقوها في جوف الكعبة تأكيدًا على أنفسهم.
  فدخل بنو هاشم في شعب أبي طالب وضاق عليهم الأمر حتى عدموا الأكل إلا ما كان يُحمل إليهم سرًّا وخفية، وهو شيء قليل يسد
(١) المراد حمايته ومنع الناس منه.