(3) عمرة الحديبية
(٣) عمرة الحديبية
  ذو القعدة سنة ٦ هـ
  أراد النبي ÷ أن يسير إلى مكة معتمرًا، فدعا مَن حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرًا من قريش أن يعترضوا له، فتثاقل الكثير من الأعراب وقالوا: يذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره وقتلوا أصحابه، فاعتذروا بالشغل بأهاليهم وأموالهم؛ لأنهم ظنوا أنه سيهلك، قال تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}[الفتح ١١] فأخبر الله تعالى أنَّ تخلفهم ليس لما قالوا، ثم أخبر عن سبب تخلفهم في قوله تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ١٢}[الفتح].
  فخرج النبي ÷ ومن معه محرمين ملبين بالعمرة ومعه الهدي حتى وصلوا عسفان(١) فلقيهم بشر بن سفيان الكعبي، فقال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك وخرجت معها العوز(٢) المطافيل، قد لبست لك جلود النمور يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عنوة، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموه إلى كراع العميم(٣)، فأمر رسول الله ÷
(١) عسفان: منهل من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة، ويبعد عن مكة حوالي ٧٥ كم.
(٢) الرجال والنساء.
(٣) كراع العميم: موضع بين عسفان ومكة.