المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {إنما يتذكر أولوا الألباب 19 الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق 20 والذين يصلون ما

صفحة 101 - الجزء 1

  والعقبى عند العرب هي العوض من كل فائت، والدار المحمودة هي التي أراد الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها، وهي {جَنَّاتُ عَدْنٍ} أي إقامة {يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ٢٣}⁣[الرعد] من أبواب الجنة والقصور، أول دخولهم بالتهنئة، يقولون: {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} أي بصبركم في الدنيا {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ٢٤}⁣[الرعد] فنعم عاقبة الدار التي عملتم فيها وما أعقبكم منها وهي أحسن العواقب إذ هي النعيم الدائم {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ}⁣[السجدة: ١٧].

  فعليك أيها العاقل بالعمل بما تضمنت هذه الآية الكريمة تكون من جيران الله في داره العظيمة.

  ومما يشاكل هذه الآية عنه ÷: «قَسَّمَ اللهُ الْعَقْلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ، فَمَنْ كُنَّ فِيهِ كَمُلَ عَقْلُهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنَّ فِيهِ فَلَا عَقْلَ لَهُ: حُسْنُ الْمَعْرِفَةِ بِاللهِ تَعَالَى، وَحُسْنُ الطَّاعَةِ لَهُ، وَحُسْنُ الصَّبْرِ عَلَى أَمْرِهِ جَلَّ وَعَزَّ» [تيسير المطالب ٢١٢].

  وقال ÷ عند تلاوة: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣}⁣[العنكبوت]، قال: «الْعَالِمُ الَّذِي عَقَلَ عَنِ اللهِ ø فَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ وَاجْتَنَبَ سَخَطَهُ» [تيسير المطالب ٢١٢].

  وقال ÷: «مَا تَمَّ دِينُ إِنْسَانٍ قَطُّ حَتَّى يَتِمَّ عَقْلُهُ» [تيسير المطالب ٢٣٦ - حقائق المعرفة ٥٦].

  وقال ÷: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا» [تيسير المطالب ٢٣٨].