المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا 32 ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق

صفحة 112 - الجزء 1

  قال علي #: (مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةَ دِينٍ وَسَدَادَ طَرِيقٍ، فَلَا يَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ الرِّجَالِ، ... إلى قوله: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ إِلَّا أَرْبَعُ أَصَابِعَ.

  فسئل عن معنى قوله، فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه، ثمّ قال: الْبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ سَمِعْتُ، وَالْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ).

  وقال: (إِنِّ لِكُلِّ ظَاهِرٍ بَاطِناً عَلَى مِثَالِهِ، فَمَا طَابَ ظَاهِرُهُ طَابَ بَاطِنُهُ، وَمَا خَبُثَ ظَاهِرُهُ خَبُثَ بَاطِنُهُ).

  وفي أمالي المرشد قال رسول الله ÷: «الْكَذِبُ مُجَانِبٌ لِلْإِيمَانِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَهْبِطُ إِلَى أَسْفَلِ دَرْكٍ فِي جَهَنَّمَ بِالْكَذِبِ» [الأمالي الخميسية ١/ ٢٤].

  وقوله: {مَرَحًا} أي بطراً وكبراً، وامش لله خاشعاً متواضعاً، والمرح: شدة الفرح، والمراد أن يمشي الإنسان مشياً يدل على الكبر، وخرق الأرض ثَقْبُها، فلا تقدر حال الانخفاض على خرقها، وحال الارتفاع لا تقدر على أن تصل إلى رؤوس الجبال، بل أنت ضعيفاً عن هذا، فلا يليق بك التكبر، فتحتك الأرض لا تقدر على خرقها، وفوقك الجبال لا تقدر على الوصول إليها، فأنت محاط بك من فوقك وتحتك بنوعين من الجماد، وأنت أضعف منهما بكثير، فلا يليق بك التكبر.

  وفي أمالي المرشد عنه ÷: «رِيحُ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَلَا يَجِدُ رِيحَهَا مُخْتَالٌ، وَلَا مَنَّانٌ» [الأمالي الخميسية ١/ ٤٢].

  قوله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ} أي التي نهى الله عنها فيما تقدم {كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ٣٨}⁣[الإسراء: ٣٨] وإذا كانت سيئة بنص القرآن فتجنبها؛ إذ قد توعد الله مُكْتَسِبَ السيئات بالعذاب، قال تعالى - وكفى بما قاله لمن تدبره ووعاه وخاف من عقابه في منقلبه ومثواه -: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّآتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا