المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا

صفحة 113 - الجزء 1

  وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ الَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٧}⁣[يونس] ومعنى {تَرْهَقُهُمْ} أي تغشاهم، والذلة كناية عن الهوان والتحقير، ومعنى: {عَاصِمٍ} أي لا يمنعهم أحدٌ من عذاب الله.

  قوله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ٥٣}⁣[الإسراء].

  أمر الله سبحانه بالمداراة وأن يقول العباد ما لا يهيج ولا يغري بالعداوة، بل يقول المؤمنون للكفار التي هي أحسن وهي نظير: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}⁣[النحل: ١٢٥]، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}⁣[العنكبوت: ٤٦] {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا}⁣[طه: ٤٤] فيخاطبوا بالحسن ليصير ذلك سبباً لجذب قلوبهم وميل طباعهم إلى قبول الحق، {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} أي يوسوس ويغري ويفسد، و {عَدُوًّا مُّبِينًا} أي بَيِّنُ العداوة، وهي عامة للكافر والمسلم، وإن كانت للكافر فتخاطب المسلمين بالتي هي أحسن أحق وأولى، والاحتراس من أن يلقي بينهم العداوة الشيطان أشد وأوجب.

  وفي أمالي المرشد، عنه ÷: «كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ؛ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ» [الأمالي الخميسية ٢/ ٢١٥].

  وفيها قال رسول الله ÷: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَشْهَدُ أَنِّي