المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {وبشر المخبتين 34 الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة

صفحة 122 - الجزء 1

  اللَّيَالِي مُتَخَشِّعُونَ، قَدْ أَخْلَصُوا لِلَّهِ أَعْمَالَهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً.

  فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ فِي لَيْلِهِمْ وَقَدْ نَامَتِ الْعُيُونُ وَهَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَسَكَنَتِ الْحَرَكَاتُ مِنَ الطَّيْرِ فِي الوُكُورِ، وَقَدْ نَهْنَهَهَمْ يَوْمَ الْوَعِيدِ، ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ٩٧}⁣[الأعراف: ٩٧] فَاسْتَيْقَظُوا لَهَا فَزِعِينَ، فَقَامُوا إِلَى مَصَافِّهِمْ يعولُونَ، وَيَبْكُونَ تَارَةً، وَيُسَبِّحُونَ لَيْلَةً مُظْلِمَةً بَهْمَاءَ.

  فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ - يَا أَحْنَفُ - قِيَاماً عَلَى أَطْرَافِهِمْ، مُنْحَنِيَةً ظُهُورُهُمْ عَلَى أَجْزَاءِ الْقُرْآنِ لِصَلَاتِهِمْ، إِذَا زَفَرُوا خِلْتَ النَّارَ قَدْ أَخَذَتْ مِنْهُمْ إِلَى حَلَاقِيمِهِمْ، وَإِذَا أَعْوَلُوا حَسِبْتَ السَّلَاسِلَ قَدْ صَارَتْ فِي أَعْنَاقِهِمْ، وَلَوْ رَأَيْتَهُمْ فِي نَهَارِهِمْ إِذاً لَرَأَيْتَ قَوْماً يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، وَيَقُولُونَ لِلنَّاسِ حُسْناً، وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً، وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا. أُولَئِكَ يَا أَحْنَفُ؛ انْتَجَعُوا دَارَ السَّلَامِ ..... إلى آخر كلامه #).

  وفي أمالي المرشد أن رسول الله ÷، قال: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ، فَلَهُ الْجَزَعُ» [الأمالي الخميسية ٢/ ٢٦١].

  وفيها عنه ÷: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «يَعْتَمِلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ، وَيَتَصَدَّقُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ» قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ» [الأمالي الخميسية ٢/ ٢٤٦].