المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 63 والذين

صفحة 131 - الجزء 1

  أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ٧٤ أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ٧٥}⁣[الفرقان]

  {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} أي عباده حقّاً، ووصفهم بتسعة أنواع من الصفات:

  الأولى: يمشون الهون أي بالسكينة والوقار والتواضع.

  الثانية: إذا خاطبهم السفهاء بما يكرهون قالوا قولاً حسناً جميلاً.

  الثالثة: يبيتون يصلون بالليل.

  الرابعة: إنهم مع هذه الصفات خائفون مبتهلون إلى ربهم في صرف العذاب عنهم، والغرام العذاب الشديد أو اللازم أو الثقيل.

  الخامسة: إنهم متوسطون في الإنفاقِ، لا إِسْرَافَ، وهو الإنفاق في غير حق أو لغير حاجة، ولا إقتارَ، وهو التضييق فيه، و {قَوَامًا} وسطاً.

  السادسة: لا يشركون ولا يقتلون النفس المحرمة ولا يزنون ومن يفعل بعض الثلاث {يَلْقَ أَثَاماً} أي عقوبة، {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّآتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ٧٠}⁣[الفرقان].

  السابعة: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} أي لا يحضرون مجالس الكذب والباطل، ولا يشهدون شهادة الزور أي لا ينطقون به، {وَإِذَا مَرُّوا} بأهل اللغو - وهو القبيح من الكلام - {مَرُّوا} معرِضِين مُكَرِّمين لأنفسهم عن الوقوف معهم.

  الثامنة: إذا وعظوا بالقرآن سمعوا الوعظ، فلم يَصَمُّوا عنه وأبصروا الرشد فلم يَعْمَوْا عنه، والخُرُورُ: السقوط، أي لم يكبوا إلا للحرص على الاستماع.

  التاسعة: سألوا أن يُرْزُقَهُمْ أزواجاً وأولاداً تَقر بهم عيونهم من القُّرِّ وهو البرد كناية عن الفرح بهم في الدنيا بالطاعة لله والصلاح، وفي الآخرة بالجنة، و {إِمَامًا}