المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

[الحب في الله والمخوة في الدين]

صفحة 160 - الجزء 1

  وكاتبه وشاهديه، وأنه ÷ خَصْمُ آكل الربا.

  وقد قال ÷: «مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الْاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» [تيسير المطالب ٥٥٠].

  فلا قوة إلا بالله، لكن المرء يستعين على أداء حق المخوة وترك أذى المؤمن بالله فإنه خير معين، ويذكر ما ورد في ذلك، وأنه مجازى بعمله.

  قال ÷: «أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُجَازَى بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ» [تيسير المطالب ٥٩٤ - الأمالي الخميسية ٢/ ٤٠٧].

  ثم قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ} لأن الظن هو السبب فيما تقدم، وهو ظن السوء بمن ظاهره الصلاح، {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} وهو كل ظَنٍّ بلا أمارة صحيحة فيمن ظاهره الصلاح.

  ولنذكر ما قال أمير المؤمنين لجمعه ما سبق وما سيأتي في معنى ذلك:

  قال #: (إِنَّمَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِصْمَةِ وَالْمَصْنُوعِ إِلَيْهمْ فِي السَّلَامَةِ أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَيَكُوَنَ الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ وَالْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ، فَكَيْفَ بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاهُ وَعَيَّرَهُ بِبَلْوَاهُ! أَمَا ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللهِ عَلَيْهِ مَنْ ذُنُوبِهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي عَابَهُ بِهِ! وَكَيْفَ يَذُمُّهُ بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مِثْلَهُ؟! فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذلِكَ الذَّنْبَ بَعَيْنِهِ فَقَدْ عَصَى اللهَ فِيمَا سِوَاهُ، مِمَّا هُو أَعْظَمُ مِنْهُ، وَايْمُ اللهِ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَاهُ فِي الْكَبِيرِ، وَعَصَاهُ فِي الصَّغِيرِ؛ لَجُرْأَتُهُ عَلَى عَيْبِ النَّاسِ أَكْبَرُ!