المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون 15 آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين 16 كانوا

صفحة 165 - الجزء 1

  طُوبَى لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا، وَعَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا، وَهَجَرَتْ فِي اللَّيْلِ غُمْضَهَا، حَتَّى إِذَا غَلَبَ الْكَرَى⁣(⁣١) عَلَيْهَا افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا، وَتَوَسَّدَتْ كَفَّهَا، فِي مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُيُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ، وَتَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ جُنُوبُهُمْ، وَهَمْهَمَتْ بِذِكْرِ رَبِّهِم شِفَاهُهُمْ، وَتَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِم ذُنُوبُهُمْ).

  قال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} أي نصيبٌ {لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الذي لا يسأل حياء وعفة.

  وفي أمالي المرشد قال ÷: «أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» [الأمالي الخميسية ١/ ٢٧٧].

  قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}⁣[الحديد: ١٦] أي ألم يَحِنْ {أَن تَخْشَعَ} أي تلين {قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} وتذل من خشيته، وذكر الله: قيل مواعظه الذي في القرآن، وقيل: لذكرهم الله، أي يجب أن يورثهم الذكر خشوعاً ولا يكونوا كمن يذكره بالغفلة فلا يخشع قلبه، {وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} وهو القرآن، ويصح أنه المراد بالذكر لجمعه الأمرين الذكر والنزول، وأن يُرادَ بذكر الله ذِكْرُ عقابه.

  وفي أمالي المرشد عنه ÷: «النَّاسُ فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثَةٌ: فَرَجُلٌ يَقْرَأُهُ بِلِسَانِهِ وَلَا يَسُوغُ بِهِ الْحَنْجَرَةَ فَهُوَ لَهُ إِصْرٌ وَعَذَابٌ وَعِقَابٌ، وَرَجُلٌ يَقْرَأُهُ فَخْرًا وَرِيَاءً لِيَأْكُلَ بِهِ فِي دُنْيَاهُ فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْءٌ، وَرَجُلٌ يَأْخُذُهُ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ فَهُوَ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ يَلْقَى رَبَّهُ» [الأمالي الخميسية ١/ ١٣٦].


(١) أي النعاس. تمت، هامش الأصل.