المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل

صفحة 167 - الجزء 1

  الحسرة، وذلك أن العاقل بعد انقضائها يرى المال ذاهباً والعمر ذاهباً واللذة منقضية والنفس ازدادت شوقاً إليها مع فقدانها فيكون المضار مجتمعه.

  وثالثها: أنها {زِينَةٌ} وهذه من دأب النساء.

  ورابعها: {تَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} بالصفات الفانية.

  وخامسها: {تَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} أي الاشتغال فيها بذلك، وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة.

  فلا وجه يبتغيه أهل الدنيا يخرج عن هذه الأقسام.

  وبَيَّنَ أن حالها إذا لم يخل عن هذه الوجوه يجب أن يعدل عنها إلى ما يؤدي إلى عمارة الآخرة، ثم ضرب الله مثل الحياة الدنيا، فقال تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ} أي مطر {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ} أي الزُّرَّاعَ {نَبَاتُهُ} الناشئ عنه {ثُمَّ يَهِيجُ} ييبس {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} تنقلب خضرته صفرة عند يبسه {ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} فتاتاً أسود لشدة يبسه يضمحل بالرياح، كذلك الإنسان يهرم ثم يموت، ويترك ما كان حسن في عينه من الدنيا.

  ثم إنه تعالى ذكر بعده حال الآخرة فقال: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ} لمن آثر عليها الدنيا {وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} لمن آثر الآخرة، ثم قال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} أي التمتع فيها {إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} أي الانتفاع مغتر وهو انتفاع يسيرٌ كعُجالَة الراكب وهو ما يتعجل من تُمَيْراتٍ، أي ما هي في جنب الآخرة إلا كذلك لمن أقبل عليها وأعرض عن طلب الآخرة، أما إذا دعتك إلى طلب رضوان الله فنعم المتاع.

  قال علي # في صفة الدنيا: (مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ! وَآخِرُهَا فَنَاءٌ! فِي