المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {فأما من طغى 37 وآثر الحياة الدنيا 38 فإن الجحيم هي المأوى 39 وأما من خاف مقام ربه ونهى

صفحة 175 - الجزء 1

  مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ اللهُ هُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ؟ هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ اللهُ عَنْهُ الْعَمَى وَيَجْعَلُهُ بَصِيراً؟ أَلَا إنَّهُ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا وَقَصَّرَ فِيهَا أَمَلَهُ أَعْطَاهُ اللهُ عِلْماً بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَهُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ، أَلَا وَإنَّهُ مَنْ رَغِبَ فِي الدُّنْيَا وَطَالَ فِيهَا أَمَلُهُ أَعْمَى اللهُ قَلْبَهُ عَلَى قَدْرِ رَغْبَتِهِ فِيهَا» [تيسير المطالب ٤٩٦].

  وقال علي #: (طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، وَالرَّاغِبِينَ فِي الْآخِرَةِ، أُولئِكَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللهِ بِسَاطاً، وَتُرَابَهَا فِرَاشاً، وَمَاءَهَا طَهُوراً، وَجَعَلُوا الْقُرْآنَ شِعَاراً، وَالدُّعَاءَ دِثَاراً، وَقَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ #) [تيسير المطالب ٤٩٦].

  وفي أمالي المرشد قال ÷: «لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَشَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» [الأمالي الخميسية ١/ ٧٤].

  وفيها عنه ÷: «يُؤْتَى بِصَاحِبِ الْقَلَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ مُقْفَلٌ عَلَيْهِ بِأَقْفَالٍ مِنْ نَارٍ فَيُنْظَرُ قَلَمُهُ فِيمَا أَجْرَاهُ، فَإِنْ كَانَ أجْرَاهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ فُكَّ عَنْهُ التَّابُوتُ، وَإِنْ كَانَ أَجْرَاهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ هَوَى بِهِ التَّابُوتُ سَبْعِينَ خَرِيفًا حَتَّى بَارِئُ الْقَلَمِ وَلَائِقُ الدَّوَاةِ» [الأمالي الخميسية ١/ ٧٤].

  وقال علي #: (يَا أيُّها النَّاسُ؛ مَتَاعُ الدُّنْيَا حُطَامٌ مُوبِئٌ؛ فَتَجَنَّبُوا مَرْعَاهُ! قُلْعَتُهَا أَحْظَى مِنْ طُمَأْنِينَتِهَا، وَبُلْغَتُهَا أَزْكَى مِنَ ثَرْوَتِهَا، حُكِمَ عَلَى مُكْثِرِيهَا بِالْفَاقَةِ، وَأُعيِنَ مَنْ غَنِيَ عَنْهَا بِالرَّاحَة، مَنْ رَاقَهُ زِبْرِجُهَا أَعْقَبَتْ نَاظِرَيْهِ كَمَهاً، وَمَنِ اسْتَشْعَرَ الشَّغَفَ بِهَا مَلَأَتْ ضَمِيرَهُ أَشْجاناً، لَهُنَّ رَقْصٌ عَلى سُوَيْدَاءِ قَلْبِهِ: هَمٌّ يَشْغَلُهُ، وَغَمٌّ يَحْزُنُهُ، كَذلِكَ حَتَّى يُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ فَيُلْقَى بِالْفَضاءِ، مُنْقَطِعاً أَبْهَرَاهُ، هَيِّناً عَلى اللهِ