قوله تعالى: {فأما من طغى 37 وآثر الحياة الدنيا 38 فإن الجحيم هي المأوى 39 وأما من خاف مقام ربه ونهى
  فَناؤُهُ، وَعَلَى الْإِخْوَانِ إِلْقَاؤهُ.
  وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْمُؤْمِنُ إِلَى الدُّنْيَا بَعَيْنِ الْاِعْتِبَارِ، وَيَقْتاتُ مِنْهَا بِبَطْنِ الْاِضْطِرَارِ، وَيَسْمَعُ فِيهَا بِأُذُنِ الْمَقْتِ وَالْاتِّعَاظِ، إِنْ قِيلَ أَثْرَى قِيلَ أَكْدَى! وَإِنْ فُرِحَ لَهُ بِالْبَقَاءِ حُزِنَ لَهُ بِالْفَنَاءِ! هذَا وَلَمْ يَأْتِهِمْ يَوْمٌ فِيهِ يُبْلِسُونَ).
  قوله: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِي}، أي موقفه الذي يقوم فيه العباد للحساب، ونهى النفس الأمارة عن الهوى المردي باتباع الشهوات {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}.
  فالحاصل: أن المطيع في الجنة، والعاصي في النار.
  وفي أمالي المؤيد بالله عنه ÷: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ؛ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: [يَا رَبِّ وعِزَّتِكَ] لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، ثُمَّ حَفَّها بِالْمَكَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: يَا رَبِّ؛ لَقَدْ خَشِيتُ أَلَّا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ، قَالَ: وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، [فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا] فَقَالَ: [يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ] لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا، ثُمَّ حَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، [فَذَهَبَ] فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: يَا رَبِّ؛ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا» [الاعتبار ٥٠٨].
  وعنه ÷: «مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ لَهَى عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ تَرَقَّبَ الْمَوْتَ هَانَتْ عَلَيْهِ اللَّذَّاتُ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ» [تيسير المطالب ٥٩٣ - الاعتبار ٤٨].
  وعنه ÷: «يَا عَلِيُّ [مَا مِنْ دَارٍ فِيهَا فَرْحَةٌ إِلَّا تَبِعَتْهَا تَرْحَةٌ، وَ] مَا مِنْ هَمٍّ إِلَّا وَلَهُ فَرَجٌ إِلَّا هَمَّ أَهْلِ النَّارِ، وَمَا مِنْ نَعِيمٍ إِلَّا وَلَهُ زَوَالٌ إِلَّا نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا سَرِيعاً، وَعَلَيْكَ بِصَنَائِعِ الْخَيْرِ فَإنَّهَا