المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن

صفحة 24 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ٣٢}⁣[النساء: ٣٢]

  نهى سبحانه عن التحاسد، أي لا تتمنوا ما لغيركم؛ فإنها قِسْمَةٌ صادرة من حكيم، فعلى كل أحد أن يرضى بما قسمه الله بين العباد من الأرزاق والجاه ونحوهما، {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ} أي ثواب {مِّمَّا اكْتَسَبُوا} من أعمال البر ونصيب مما حازوه ممَّا فرض الله لهم من الميراث وغيره من نعيم الدنيا، وللنساء كذلك، {وَسْئَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ} ولا تتمنوا نصيب غيركم، {عَلِيمًا}: أي عليم بما يصلحهم وبالحكمة التي لأجلها فَاضَلَ.

[في القناعة الرضى، وترك الطمع]

  وعن علي #: أوصاني رسول الله ÷ فقال: «يَا عَلِيُّ؛ عَلَيْكَ بِالْيَأْسِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإنَّهُ الْغِنَى الْحَاضِرُ، فَقُلْتُ: زِدْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالطَّمَعُ فَإِنَّهُ الفَقْرُ الْحَاضِرُ، فَقُلْتُ: زِدْنِي، فَقَالَ: إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّرْ عَاقِبَتَهُ فَإنْ يَكُ خَيْرًا فَاتَّبِعْهُ، وَإنْ يَكُ غَيًّا فَدَعْهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَلِيُّ، إنَّ مِنَ اليَقِينِ أَنْ لَا تُرْضِيَ أَحَداً بِسَخَطِ اللهِ، وَلَا تَحْمَدَ أَحَداً عَلَى مَا أَتَاكَ اللهُ، وَلَا تَذُمَّ أَحَداً عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللهُ، فَإنَّ الرِّزْقَ لَا يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ وَلَا يَصْرِفُهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ، إنَّ اللهَ بِحِكْمَتِهِ وَفَضْلِهِ جَعَلَ الرَّوحَ وَالْفَرَحَ فِي الرِّضَا وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِ وَالسَّخَطِ» [تيسير المطالب ٥٠٢ - حقائق المعرفة] انتهى.

  فعليك بالرضى بقسمة الله تُرِحْ نفسك في الدنيا والآخرة.

  قال أمير المؤمنين: