المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين 55 ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه

صفحة 74 - الجزء 1

  يرجع إليه.

  أما إذا قيل إنه عن رسول الله فلا يبعد أن في ذلك إثمٌ مع التعمد؛ لقوله ÷: «مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلِيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [بهذا اللفظ في تيسير المطالب ٢٢٠] ولما سبق.

  وعنه ÷: «إنَّ اللهَ لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ، فَإِذَا قُبِضَ الْعُلَمَاءُ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالاً، سئِلُوا فَاسْتَحْيَوا أَنْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» [تيسير المطالب ٢٠٨ - الأمالي الخميسية ١/ ٥٤ - الشافي ٣/ ٤٤٠].

  قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٥٥ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ٥٦}⁣[الأعراف: ٥٥ - ٥٦]

  {تَضَرُّعًا} أي تَذَلُّلاً، {وَخُفْيَةً} أي سِرّاً، {الْمُعْتَدِينَ} أي في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت، {وَلَا تُفْسِدُوا} أي بالمعاصي والظلم، {بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} ببعث الرسل، و {خَوْفًا} أي من عقابه، {وَطَمَعًا} أي في ثوابه ورحمته، وخوفا من الرد وطمعاً في الإجابة، و {الْمُحْسِنِينَ} المطيعين، وتذكير قريب المخبر به عن رحمة لإضافتها إلى الله تعالى.

  امتَنَّ الله على عباده المؤمنين بأمره لهم بالدعاء والإذن فيه، ووعدهم الإجابة، فسبحانه ما ألطفه؛ فتح لك باب الدعاء في أي حاجة دنيوية أو أخروية، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، فاقرع الباب إن كنت من ذوي الألباب {أَمَّن