المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين

صفحة 82 - الجزء 1

  الله وقدرته وعظمته وسلطانه وعدله وتوحيده ووعده ووعيده، {تَضَرُّعًا} وهو التذلل والخضوع والخشوع، {وَخِيفَةً} أي خيفة منه تعالى، وهذا خطاب للنبي ÷ وحكمه عام للمكلفين، {وَدُونَ الْجَهْرِ} أي الذكر السر فلا تجهر، كقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}⁣[الأعراف: ٥٥] ودلت الآيتين أن السر أفضل من الجهر، {بِالْغُدُوِّ وَالْأصَالِ} أوائل النهار وأواخره، وذكر هذين الوقتين لفضلهما، وقد ذكرهما تعالى في غير هذا {بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٤٢}⁣[الأحزاب: ٤٢] [الفتح: ٩] [الإنسان: ٢٥] {بُكْرَةً وَعَشِيًّا}⁣[مريم: ١١] والآصال ما بين العصر والمغرب، جمع أصيل، {وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ٢٠٥} عن ذكره فتنساه {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ١٥٢}⁣[البقرة] {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ٣٥}⁣[الأحزاب] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٤٢}⁣[الأحزاب].

  وعن علي #: (إنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا نَظَرَ اعْتَبَرَ، وَإِذَا سَكَتَ تَفَكَّرَ، وَإذَا تَكَلَّمَ ذَكَرَ، وَإِذَا اسْتَغْنَى شَكَرَ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ صَبَرَ، فَهُوَ قَرِيبُ الرِّضَى بَعِيدُ السَّخَطِ، يُرْضِيهِ عَنِ الله ø اليَسِيرُ، نِيَّتُهُ فِي الْخَيْرِ مَغْمُوسَةٌ، يَنْوِي كَثِيراً مِنَ الْخَيْرِ فَيَتَلَهَّفُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْخَيْرِ كَيْفَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ) [تيسير المطالب ٢٢٩].

  وعنه ÷: «مَنِ انْتَبَهَ مِنْ فِرَاشِهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ، آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالطَّاغُوتِ؛ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ» [تيسير المطالب ٢٣٨].

  وعنه ÷: «ذِكْرُ اللهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصِّيَامِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ» [تيسير المطالب ٢٤٢ - الأمالي الخميسية ١/ ٤٦ - أمالي أحمد بن عيسى - البساط].