المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى

صفحة 83 - الجزء 1

  وروي في أمالي المؤيد بالله بسنده عنه ÷: قال: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهَا تَهْدِمُ الْخَطَايَا» فقالوا: كيف هي للأحياء؟ فقال ÷: «فَهِيَ أَهْدَمُ وَأَهْدَمُ».

  وقال ÷: «مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ أَحَبَّهُ اللهُ» [تيسير المطالب ٤٩٥].

  قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}⁣[الأنفال]

  {إِنَّمَا} للحصر أي الكاملون في الإيمان لهم صفات خمس:

  الأولى: {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي خافت وفزعت، يعني فزعت لذكره استعظاماً له وتهيباً من جلاله، وعزة سلطانه، وبطشه بالعصاة وعقابه، وهذا كقوله: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}⁣[الزمر: ٢٣] {وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ٢٧}⁣[المعارج] وهذا الذكر خلاف الذكر في قوله تعالى: {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} إذ هذا لثلج النفس وشرح الصدر بمعرفة التوحيد وذكر رحمته وثوابه، والوجل إنما هو لما سبق من الخوف من عقابه، بل هذان الوصفان قد اجتمعا في قوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، والمعنى تقشعر جلودهم من خوف عذاب الله، ثم تلين جلودهم وقلوبهم عند رجاء ثوابه.

  الثانية: قوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} فيتدبر عند تلاوته