المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى

صفحة 84 - الجزء 1

  ليعرف ما أَمَر به، وما نَهى عنه، وما وَعد به وتوعد؛ ليزداد إيماناً إلى إيمانه، ويتدبر الآيات المثيرة لدفائن العقول لتحصل الزيادة.

  الثالثة: قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢} فلا يفوضون أمورهم إلا إليه.

  قال علي # في وصيته للحسن: (وَأَلْجِئْ نَفْسَكَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى إِلَهِكَ، فَإِنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كَهْفٍ حَرِيزٍ، [وَمَانِعٍ عَزِيزٍ]⁣(⁣١)، وَأَخْلِصْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ، فَإِنَّ بِيَدِهِ الْعَطَاءَ وَالْحِرْمَانَ، وَأَكْثِرِ الاسْتِخَارَةَ).

  وعنه ÷: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يَكُونَ كَلّاً وَعِيَالاً عَلَى الْمُسْلِمِينَ» [مسند الإمام زيد ٢٥٩].

  وقال علي للحسن @: (خُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَتَاكَ، وَتَوَلَّ عَمَّا تَوَلَّى عَنْكَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ).

  الرابعة: قوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} أي يفعلونها كاملة في أوقاتها.

  الخامسة: قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣} الزكاة وغيرها، جمع تعالى بين أعمال القلوب من الخشية والإخلاص والتوكل وبين أعمال الجوارح من الصلاة والصدقة.

  ثم أثبت تعالى لمن هذه صفته أمور أربعة:

  الأول: قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} أي هم المؤمنون بالحقيقة.

  الثاني: قوله تعالى: {لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ} أي شرف وكرامة وعلو منزلة.

  الثالث: قوله {وَمَغْفِرَةٌ} أي ستر لذنوبهم.

  الرابع: قوله: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤} يعني نعيم الجنة لهم منافع حسنة دائمة على


(١) ما بين المعقوفين زيادة من الديباج الوضي ونهج البلاغة.