قوله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شي ئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم
  قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ٢٥}[التوبة: ٢٥]
  أي واذكر يوم حنين، وهو وادٍ بين مكة والطائف، {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} قيل كانوا ستة عشر ألفاً، وقيل اثنا عشر ألفاً، {فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ} الكثرة {شَيْئًا} وقوله: {بِمَا رَحُبَتْ} أي مع رحبها أي سعتها، و {مُّدْبِرِينَ} أي منهزمين، انهزموا حتى بلغ فَلُّهُم مكة، وثبت رسول الله ÷ ومعه نفر من بني هاشم فلم يبرحوا، وثبت الله أقدامهم، وقال الشاعر:
  خلى الناس عنه في حنين بأسرهم ... وولوا هزيماً بالرماح الشوارع
  سوى الهاشميين الكرام فإنهم ... ذووا الصبر تحت المرهفات القواطع
  وفيهم عليٌّ خير من وطئ الحصى ... قريع قريش كلها في الوقائع
  سنان رسول الله في كل حومة ... وكاشفها عن وجهه غير راجع
  دلت الآية على أنه يجب التوكل على الله، والإتكال عليه والإنقطاع، لذا أنه تعالى قال: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ... الآية} فلما عجبوا بكثرتهم يوم حنين وقعت الهزيمة، فيقبح الإعجاب؛ إذ قد أثر في أصحاب الجهاد؛ فكيف بغيرهم؟
  قيل: والعُجْب مَسَرَّةٌ بحصول أمر يصحبها تطاول لأجله على من لم يحصل له مثله، لا السرور الخالص من هذا، إذ المؤمن من سرته حسنته، بل يحمد الله ويشكره على ما يسَّرَ له ذلك الأمر، وقد انعقد الإجماع على حظر الإعجاب.
  وعنه ÷: «اجْتَنِبِ الْكِبْرَ، وَالْبُخْلَ، وَالْعُجْبَ، وَالرِّيَاءَ، وَمَشْيَةَ الْخُيَلَاءِ» [تيسير المطالب ٤٩٩].