المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من

صفحة 95 - الجزء 1

  ثم لما ذكر صفات المؤمنين قال تعالى: {أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} بالفوز بنعيم الجنة، والنجاة من النار، وأتى بالسين للتوكيد والمبالغة كما تؤكد الوعيد بها في قولك: سأنتقم منك.

  ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} أي غالب قادر على كل شيء {حَكِيمٌ} واضع كُلّاً موضعه على حسب الاستحقاق، وهما أيضاً للمبالغة.

  قوله تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ١٠٧}⁣[يونس]

  الضر والفقر والمرض؛ فلا يقدر على كشف الضر إلا هو، ولا يقدر أحد على رد فضله، يصيب بالخير أو بهما من يشاء من عباده على حسب حكمته جل وعلا، فهو الحقيق بأن يُعبد ولا يُعَصى، ويُصْمَد ويُتَوكل عليه في جميع الأمور، وحقيق بالمربوب أن يقطع رجاه عن غير هذا الرب الغفور الرحيم ويبالغ في الاعتذار إليه مما فرط، ويبث إليه حاجته وشكواه.

  وعنه ÷: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْهَوَى وَطُولَ الْأَمَلِ، أَمَّا الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيَصُدُّ عَنِ الآخِرَةِ، وَهَذِهِ الدُّنْيَا مُرْتَحِلَةٌ، وَهَذِهِ الآخِرَةُ قَادِمَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ فَافْعَلُوا؛ فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ فِي دَارِ عَمَلٍ وَلَا حِسَابَ، وَأَنْتُمْ غَداً فِي دَارِ حِسَابٍ وَلَا عَمَلَ، وَأَنْتُمُ اليَوْمَ فِي الْمِضْمَارِ، وَغَداً فِي السِّبَاقِ، وَالسِّبَاقُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَالْمُتَخَلِّفُ فِي النَّارِ، وَبِالْعَفْوِ تَنْجُونَ، وَبِالرَّحْمَةِ تَدْخُلُونَ، وَبِأَعْمَالِكُمْ تَقْتَسِمُونَ» [تيسير المطالب ٥٦٥ - حقائق المعرفة ٢٦٥].