قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون 15 أولئك
  قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ١٥ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٦}[هود]
  يحتمل قوله تعالى: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ} أي جزاء أعمالهم من العقاب، ويحتمل أن يكون ما يرزقون فيها من الصحة والرزق، ويحتمل أن من كان مريداً لهذه الحياة الدنيا ونسي آخرته وفعل شيئاً من صلات الأرحام أو نحوها أو قراءة وجهاد وإعطاء مريداً للرياء فيوفى بسعةٍ في الرزق ونحو ذلك، أو يُوَفَّى بأن يقال في الدنيا: هو قارئ، شجاع، كريم، فيموتوا وليس لهم حسنة، فليس لهم إلا النار، {وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} يعني لم يكن لهم ثواب، لأنهم لم يريدوا الآخرة، فعليك أيها المتدبر لهذه الآية أن تنزع نفسك عن حب الدنيا وزينتها ورياستها وحب الثناء فيها، وأن يكون همك أخراك لتنال الملك الدائم وتنجى من العذاب الأليم، واحذر أن تريد بأعمالك الصالحة الدنيا.
  وعنه ÷: «حُبُّ الثَّنَاءِ مِنَ النَّاسِ يُعْمِي وَيَصُمُّ» [تيسير المطالب ٥٥٥].
  وقال علي #: (إِنَّ أَخْسَرَ النَّاسِ صَفْقَةً، وَأَخْيَبَهُمْ سَعْياً، رَجُلٌ أَخْلَقَ بَدَنَهُ فِي طَلَبِ آمَالِهِ، وَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْمَقَادِيرُ عَلَى إِرَادَتِهِ، فَخَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا بِحَسْرَتِهِ، وَقَدِمَ عَلَى الْآخِرَةِ بِتَبِعَتِهِ).
  وقال #: (وَمَا الْمَغْرُورُ الَّذِي ظَفِرَ مِنَ الدُّنْيَا بأَعْلَى هِمَّتِهِ كَالْآخَرِ الَّذِي ظَفِرَ مِنَ الْآخِرَةِ بِأَدْنَى سُهْمَتِهِ)، أي نصيبه.
  وقال #: (وَلَا يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ!).