المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن

صفحة 107 - الجزء 1

  وَإِقَامُ الْصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ⁣(⁣١) الذَّنْبَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارعَ الْهَوَانِ).

  قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ١٢٥ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ١٢٦}⁣[النحل: ١٢٥ - ١٢٦]

  {سَبِيلِ رَبِّكَ} أي دينه بالمقالة المحكمة، وهو الدليل الموضِّح للحق المزيل للشبه، {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} التي لا تخفى عليهم أنك تناصحهم وتقصد ما ينفعهم، ودخل في ذلك الدعاء بالقرآن والسنة، وقوله: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي بالرفق واللين من غير فضاضة، وتلطف بالجهال بلين المقال حتى تستميل قلوبهم، وقوله: {بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} أمر تعالى برعاية العدل والإنصاف، {وَلَئِن صَبَرْتُمْ} عن المجازاة {لَهُوَ} أي الصبر {خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ١٢٦} وهذا صريح بأنَّ الأَوْلى ترك الانتقام، والرحمة أفضل من القسوة، والعفو أفضل من الإيلام.

  ودلت الآية على لزوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يخشن إن كفى اللين، وعلى أن العفو أحسن من المجازاة.

  قال أمير المؤمنين: (وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، عِنْدَ الْأَمْرِ


(١) رَحَضَهُ كمنعه: غَسَلَهُ، تمت، هامش الأصل.