المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين

صفحة 40 - الجزء 1

  وقال: (بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ) وقال: (الْأَقَاوِيلُ مَحْفُوظَةٌ).

  وقال رسول الله ÷: «مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ اثْنَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ، مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ،» [الأحكام ٢/ ٤١٢ - تيسير المطالب ٥٢٤] قالها ثلَاثاً.

  وقال علي # للحارث: (وَلَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِكُلِّ مَا سَمِعْتَ، فَكَفَى بِذلِكَ كَذِباً، وَلَا تَرُدَّ عَلَى النَّاسِ كُلَّ مَا حَدَّثُوكَ بِهِ، فَكَفَى بِذلِكَ جَهْلاً).

  وعن علي # في وصيته للحسنين: (أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللهِ، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ، وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا ÷ يَقُولُ: «صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ الصِّيَامِ» [النهج - والحديث في تيسير المطالب ١٢٨ - أمالي أحمد بن عيسى - الاعتبار ٣٣٨].

  قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ١٣٥}⁣[النساء: ١٣٥]

  المعنى: {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} مجتهدين في إقامة العدل حتى لا تجوروا، تقيمون شهاداتكم لوجه الله ولو كانت على أنفسكم، وذلك بالإقرار والشهادة على الوالدين والأقربين، فقوموا بالعدل والإنصاف لكل أحدٍ وعلى كل أحدٍ.

  {إِن يَكُنْ} المشهود عليه {غَنِيًّا} فلا تمنع الشهادةَ عليه لغناه طلباً لرضاه، {أَوْ فَقِيرًا} فلا تمنعها ترحماً عليه، الله أولى بالنظر لهما وإرادة مصلحتهما، {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} ولكن اتبعوا أمر الله؛ لِئَلَّا تعدلوا عن طريق الحق فتسلكوا طريق الباطل، أو فلا تتبعوا الهوى كراهةَ أن تعدلوا بين الناس، فقوله تعالى: {أَن