قوله تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسراءيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون
  وقال #: (بِالسِّيرَةِ الْعَادِلَةِ يُقْهَرُ الْمُنَاوِئُ).
  وقال #: (الْعَدْلُ الْإِنْصَافُ).
  قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَاءِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ٧٨ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ٧٩}[المائدة: ٧٨ - ٧٩]
  قيل: إنَّ أهل أَيْلَةَ لما اعتدوا في السبت قال داود: اللهم العنهم، واجعلهم آية، فمُسخوا قردة، ولما كفر أصحاب عيسى بعد المائدة لعنهم، فأصبحوا خنازير، وكانوا خمسة آلاف رجل، ذلك اللعن الذي كان سبب المسخ لأجل المعصية والاعتداء، ثم فسر المعصية والاعتداء بقوله: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} أي عن معاودته، فيحتمل أنه بمعنى الانتهاء، أي كانوا لا يتناهون ويكفون عن المعصية إذا نُهُوا، ويحتمل أنه من النهي، أي لا ينهى بعضهم بعضاً، وهو قول الجمهور، لأن اللام للقسم كأنه قال: أقسم لبئس ما كانوا يفعلون، للتعجب من فعلهم مؤكداً ذلك بالقسم.
  دلت هذه الآية على عظم معصية التارك للنهي عن المنكر، ويدل على ذلك قوله تعالى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ٦٣}[المائدة: ٦٣] كان علماء أهل الإنجيل وأحبار اليهود أو الربانيين من اليهود وهم الزهاد منهم وأحبارهم الذين هم علماؤهم جُعِلُوا آثَمَ مِنْ مرتكبي المناكير، لأن كل عامل لا يسمى صانعاً حتى يتمكن فيه ويتدرب، فإذا فرط في الإنكار كان أشد حالاً من الْمُوَاقِعِ.