المواعظ الشافية شرح الأنوار الهادية،

الحسن بن يحيى القاسمي (المتوفى: 1343 هـ)

قوله تعالى: {ولا تاي ئسوا من روح الله إنه لا ياي ئس من روح الله إلا القوم الكافرون 87}

صفحة 98 - الجزء 1

  دُخُولُهُمْ فِي الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «اتِّبَاعُ السُّلْطَانِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَاحْذَرُوهُمْ عَلَى دِينِكُمْ» [تيسير المطالب ٢٢٥].

  قوله تعالى: {وَلَا تَايْئَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَايْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ٨٧}⁣[يوسف: ٨٧]

  روح الله: فرجه وتنفيسه، مأخوذ من الراحة بعد التعب، والنَّسمَة بعد النصب، وقوله: {الْكَافِرُونَ} يُحْتَمَلُ كُفْرَ النعمة حيث أساءوا الظن بالله، وأما المؤمن فهو يرجو الله سبحانه في الشدائد والبلاء، ويُحْتَمَلُ كُفْرَ الجحود حيث اعتقد أن الله غير قادر، أو ليس بكريم ونحو ذلك. فدلت هذه الآية على أن أحداً لا ييأس من فرج الله، وأنه يحسن الظن بالله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}⁣[الشرح: ٥ - ٦].

  وروي أن رجلاً لف فراخا من غيظة في كساء فاستدارت أمهن على الرجل فكشف لها عن الفراخ فوقعت عليهن، فلفهن جميعاً، فقال له ÷: «ضَعْهُنَّ» فَوَضَعَهُنَّ، فَأَبَتْ أُمُّهُنَّ إِلَّا لُزُوُمَهُنَّ، فقَالَ رَسُولُ الله ÷: [«أَتَعْجَبُونَ لِرَحْمَةِ أُمِّ الْفِرَاخِ لِفِرَاخِهَا؟!» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ]: «فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَـ (اللهُ) ø أَرْحَمُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ أُمِّ الْفِرَاخِ لِفِرَاخِهَا» [تيسير المطالب ٥٧١].

  وقال علي #: (لَا تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ اللهِ، لِقَوْلِ الله سبحانه: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ٩٩}⁣[الأعراف: ٩٩] وَلَا تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللهِ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّهُ لَا يَايْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ٨٧}⁣[يوسف: ٨٧].