خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في الحج وفضله]

صفحة 119 - الجزء 1

  وَأَمْنًا}⁣[البقرة: ١٢٥]، ويقول: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}⁣[التين: ٣]، وفي القرآن الكثير الطيب من الآيات البينات التي تتحدث عن الأمن والسلام، وحرمة الحياة، وحرمة البيت الحرام، والبلد الحرام والشهر الحرام، ليغرس في نفس الإنسان احترام الأمن وحب السلام، وينتشله من حضيض العبث والجريمة وسفك الدماء، وظلم الأبرياء.

  والحج رحلة الروح والبدن معاً، وهجرة الإنسان إلى الله ووفادته عليه، وهو هجر للمال والأهل والملذات، واحتمال للمتاعب والمشاق حباً لله تعالى وشوقاً إليه واستجابة لندائه حين يقول مخاطباً إبراهيم #: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}⁣[الحج: ٢٧]، والحج عبادة مالية وبدنية، وهدف الحج هذا هو هدف كل عبادة في الإسلام أَلا وهو الخلوص إلى الله سبحانه وقطع النظر عما سواه في هذا الوجود، واتخاذ المعبود غاية في نشاط الإنسان وتوجهاته ليمتلئ وجدانه بالحقيقة الكبرى، فيغدوا متطهراً متجرداً عن كل شر ورذيلة، ولهذه الغاية العظيمة شرع الله الحج واعتبره حقه على عباده فقال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣[آل عمران: ٩٧]، والحج ركن أساسي من أركان الدين، ودعامة مبنية من دعائم الإيمان، وقد تكررت الآيات والأخبار النبوية الصريحة بأهمية الحج ومكانته عند الله.

  فلبّوا عباد الله نداء ربكم، وأنيبوا إليه يثيبكم ويقبلكم.

  وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى، وعصمنا من الزلل والخطأ، إنه سميع مجيب.

  هذا؛ وصلوا وسلموا على من صلى الله عليه وملائكته وأمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه فقال عز قائلاً كريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}⁣[الأحزاب: ٥٦]، اللهم صل وسلم على خير خلق الله