خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[بعض منافع العقل]

صفحة 129 - الجزء 1

  إلى التخلص من هذه الفضائح، ولا لما بعدها من العذاب المهين، لا مكر يومئذٍ ينفعهم ولا حيلة تجديهم، ولا صديق ولا حميم يرق لهم، فيالها من فضيحة ما أخزاها، ويالها من ندامة ما أنفسها وأقساها، حينما ينكشف ما كانوا حريصين على ستره حتى من أنفسهم ومن أقرب قريب لهم، حينما تظهر المصائب والفضائح على المستوى البشري بأكمله، ثم حين يؤتى كتابه بشماله فيقول والحسرة تغمره، والحياء يعلوه، والخوف قد أحاط به، يتمنى ولكن حين لا ينفعه التمني فيقول: {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ٢٥ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ٢٦ يَآلَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ٢٧}⁣[الحاقة: ٢٧]، ثم يتحسر حين لا ينفعه ماله ولا سلطانه، ويقول بحزن لا ينتهي وأسف دائم وندامة غير منقطعة، يقول: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ٢٩}، وهنالك يعلن الأمر الجازم الصارم من العزيز الجبار القاصم إلى زبانية جهنم: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ٣٠ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ٣١ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ٣٢ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ٣٣ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ٣٤ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ ٣٥ وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ٣٦ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ٣٧}⁣[الحاقة].

  فاهتموا عباد الله بتحصيل ذخائر العقبى، وقدموا من أعمال البر ما يزيدكم إلى الله قربى، واعملوا ما دام العمل ينفع وفي العمر مستمتع، من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول: {رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}⁣[المنافقون: ١٠] {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين}⁣[الزمر: ٥٦]