[في العلم]
الخطبة الأولى
[في العلم]
  
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي جعل لنا عقولاً دلنا بها علىمعرفته، وأبان لنا بها عظيم قدرته، وشواهد وحدانيته، وامتن علينا بما افترض علينا ليوصلنا إلى ثوابه، نحمده حمداً كثيراً لا يعد ولا يحصى ملئ سماواته وأرضه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، ونشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.
  ونشهد أن محمدا ًعبده ورسوله إمام الأنبياء والمرسلين، وقائدهم يوم الدين، صلوات الله ورحمته وبركاته عليه وعلى آله موضع سره وعيبة علمه، وقرناء كتابه.
  أما بعد: عباد الله: فاتقوا الله تعالى، وارجعوا إلى بارئكم، واعلموا أن الله لم يخلقكم عبثاً في هذه الدنيا، ولن يتركم سداً، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ٥٧ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ٥٨}[الذاريات: ٥٧]، فالله خلقنا واختصنا من بين مخلوقاته بعقول، كلفنا بسبب وجودها بأوامر ونواهي إبتلانا بها ليختبرنا كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: ٢]، فجعل الإسلام لنا هادياً إلى أفضل الطرق الموصلة إلى رضاه، واختصنا بمحمدٍ ÷ خاتم النبيين وإمام المتقين، وأنزل معه المعجزة العظمى، النور المبين، كلام رب العالمين، فعرَّف الناس وعلمَّهم وأرشدهم إلى مرضاة ربِّهم، ولم يزل يكابد في ذلك أعداء الله حتى استتم له ما أراد، وحتى أُنْزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ