[في العلم]
  لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]، فذهب ÷، وخلف فينا كتاباً عظيماً وسنةً جليلةً مشتملة على الواجبات والنواهي والآداب، التي تكفل للمسلم أن يعيش في هذه الدنيا سعيداً ويلقى الله مسروراً، وخلّف حملة لكتابه، وتراجمةً له، يعرفون محكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، ومجمله ومبينه، ومطلقه ومقيده، فلا بد من بذل الجهد، واستحضار الأذهان، واستمداد العون من الله، والبحث الصحيح وأخذه من أهله الذين قرنهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالكتاب.
  عباد الله: إن أول ما نزل من آيات القرآن قول الله لنبيه ÷: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ٤ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٥}[العلق]، فهذا أول نداء يرفع قيمة العلم، ويعلن الحرب على الجهل، ويبين أن العلم يوصل الإنسان إلى معرفة خالقه، وعظيم صفاته، ورفع الله درجة العلماء حتى قرنهم بنفسه وملائكته في الشهادة بوحدانيته، والإقرار بعدالته: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران: ١٨].
  إنهم بتعلمهم أدركوا جلال الله الكبير المتعال وعرفوا صفاته العظمى، وآياته الكبرى، لذلك أعز الله العلماء، وآثرهم بكرامته وفضله ... قال رسول الله ÷: «أخيار أمتي علماؤها، وخيار علمائها رحمائها، ألا وإن الله يغفر للعالم أربعين ذنباً قبل أن يغفر للجاهل ذنباً واحداً، ألا وإن العالم الرحيم ليجيء وإن لنوره لضوءاً يمشي فيه ما بين المشرق والمغرب»، إن الله جعل للعلماء هذه المكانة العالية لأنهم يعبدونه على معرفة وبصيرة بجلاله، ويخشونه ولا يخشون أحداً غيره، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨]،