[في العلم]
  إن المعرفة بالله وبكتابه وسنته مقبولة عند الله، أما العبادة المشوبة بالجهل والقصور فإنها سرعان ما يتغلب عليها الهوى أو الشيطان، قال ÷: «فضل العلم خير من فضل العمل»، وقال: «قليل العلم خير من كثير العبادة»، وقال: «أفضل العبادة الفقه»، وقال رسول الله ÷: «يا أبا ذر؛ لأن تغدوا فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة، ولأن تغدوا فتعلم باباً من العلم عمل به أم لم يعمل به خير لك من أن تصلي ألف ركعة»، وقال أمير المؤمنين علي #: «نوم على يقين خير من عبادة على شك»، والسر في هذا الحكم: أن عبادة الجهال قليلة الجدوى، وقد تكون على صاحبها وبالاً، إما بمخالفة سنة رسول الله ÷ أو بعبادة غير الله، وتراهم يتمسكون بالدين تمسكاً شديداً وفي ساعة تعصب أو نحوه يفقدون الدين بأكمله.
  أما العلماء فإن بصيرتهم تحكم تصرفاتهم وتلهمهم الرشد، فلو قلّ علمهم كثر بسبب ما يصحبه من موافقةٍ للكتاب والسنة، وذلك لأن الشيطان يبتدع البدعة للناس فيُبْصِرُهَا العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادة ربه لا يتوجه لها ولا يعرفها ... هؤلاء هم العلماء العاملون الذين يخشون الله ويخافونه ويراقبونه في سرهم وعلانيتهم، بل هم كما وصف الله في قوله: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ ءَانَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر: ٩]، الذين لم يخالطوا سلطاناً، ولم يشتروا بعلمهم ثمناً قليلاً، قال ÷: «العلماء أمناء الأنبياء ما لم يخالطوا السلطان، فإذا خالطوا السلطان فاتهموهم واحذروهم على دينكم».