[في مقتل الحسين السبط #]
الخطبة الأولى
[في مقتل الحسين السبط #]
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
  
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله خالق الإنسان من طين، المنزه من تولاه منهم عن دار الغرور، السامي بهم إلى أنوار السرور، لم يفعل ذلك بهم محاباة لهم عن الخلائق، ولا إلجاءاً لهم إلى جميل الطرائق، بل فرغت نفوسهم عمن سواه، وعرفت أرواحهم شرف رضاه، فصرفوا أعناق قلوبهم إلى ظله، وعطفوا آمالهم نحو كرمه وفضله، فترى لديهم فرحة المصدِّق بدار بقائه، وتنظر منهم مسحة المشفق من أخطار لقائه، ولا تزال أشواقهم متضاعفة إلى ما قرب من مراده، وأرواحهم وأسماعهم متهاوية على أمره ونهيه، وقلوبهم مستبشرة بحلاوة ذكره، خلعوا أثواب البقاء، وقرعوا أبواب اللقاء، وتلذذوا في طلب ذلك النجاح، ببذل النفوس والأرواح، وعرضوها لخطر السيوف والرماح، فاستحقوا بذلك ألطافه، ومحاسن ذكره، وحباهم من لدنه حباء البرِّ الشفيق؟
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الجهاد أفضل الأعمال، وخص المجاهدين بالحياة عنده إلى يوم اللقاء وحباهم بمرتبة لا ينالها إلا العلماء والأنبياء.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خيرة الله من خلقه، سيد البشر، الخاتم لما سبق من أنباء النبوة، والفاتح لما انغلق من أخبار الرسالة، المأخوذ ميثاقه على جميع الأمم رحمة للعالمين، وحجة على الأولين والآخرين، فصلوات الله ورحمته وبركاته عليه وعلى آله. دعاة الخلق إلى الحق، اتباع الكتاب والسنة، من سنوا الجهاد والإجتهاد، قرناء التنزيل،