خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في المعنى الحقيقي للعيد]

صفحة 218 - الجزء 1

  وإن حصلت مثل هذه المناسبة كان فرحاً مسروراً بجزاء الله ونعمته. فهؤلاء هم أهل العيد الذين فازوا وسعدوا واستحقوا ما أعد الله لهم ووعدهم على لسان نبيه ÷ بأن يجعل أجورهم على عمل شهر رمضان في ليلة العيد وفي يومه.

  فهذا هو يوم الشكر والتكبير كما قال تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}⁣[البقرة: ١٨٥] فهذه نعمة عظيمة أنعم الله بها على عباده المؤمنين المتقين. فلابد من شكره فشكر النعم واجب، فلنغتنم في هذا اليوم شكر الله جل وعلا، وتكبيره وتمجيده، ولكن كيف طريقة شكره؟ هل هي أن نتلفظ بألفاظ لا نعرف لها معنى أو نقوم بأعمال لا نعرف كيفيتها ولا ما شرعت من أجله، فلا والله ليست كهذه وإنما الشكر أن تقوم بما أمر الله، وتنتهي عما نهى الله، تقيمه حق إقامته، وذلك لا يتحقق إلا بمعرفته، فلابد يا عباد الله: لمن أراد الشكر أن يعمل بكتاب الله واتباع علماء أهل بيت نبيه عليه وآله الصلاة والسلام ولن نعرف ذلك إلا بطلب العلم فكتاب الله فيه المحكم والمتشابه والمجمل والمبين والعام والخاص والناسخ والمنسوخ وغير ذلك.

  والسنة كذلك، وفيها المكذوب على رسول الله ÷ فكيف نعرف ما هذه حاله بغير طلب علم، فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة حتى يعرف الله حق معرفته، ويعرف ما أوجب الله عليه، ومانهاه عنه، فنحن مقصرون في طلب العلم، فمتى نعرف كتاب الله وسنة نبيه ÷ فلن نعرفها إلا بمن يعرفنا والطلب منا واجب فلنكره نفوسنا على هذا العمل ولنكن في سلك من مدحهم الله بقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}⁣[فاطر: ٢٨]، فالعلماء هم الذين يخشون الله يعظمونه ويخافونه فهم خاضعون له يرون عظمته في صنعه، أما الجهال فلا يقيمون له في نفوسهم