خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[خطبة في الإيمان]

صفحة 28 - الجزء 1

  ويتعارفون على الأرائك متكئون، وكأني أنظر إلى أهل النار يعذبون فيها ويصرخون، وكأني أنظر إلى أهل النار وكأني أسمع زفيرها تدور في مسامعي.

  فقال رسول الله ÷ لأصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالإيمان، ثم قال له: ألزم ما أنت عليه.

  فقال الشاب: أدع الله لي يا رسول الله أن يرزقني الشهادة معك.

  قال: فدعا له رسول الله ÷ بذلك، فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي ÷ واستشهد».

  فاتقوا الله الذي أوصاكم بالتقوى وجعلها منتهى رضاه وحاجته من خلقه، واتقوا الله الذي أنتم بعينه، ونواصيكم بيده، وتقلبكم في قبضته، إن أسررتم عَلِمَهُ، وإن أعلنتم كتبه، قد وكل بذلك حفظة كرام، لا يسقطون حقاً، ولا يثبتون باطلاً، واعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجاً من الفتن، ونوراً من الظلم، ويخلده فيما اشتهت نفسه، وينزله منزل الكرامة عنده، فبادروا المعاد بالأعمال الصالحة، وسابقوا الآمال، فإن الناس يوشك أن ينقطع بهم الأمل، ويرهقهم الأجل، ويسد عنهم باب التوبة، فالله الله معشر العباد وأنتم سالمون، في الصحة قبل السقم، وفي الفسحة قبل الضيق، فاسعوا في فكاك رقابكم، قبل أن تغلق رهانها، فيسألُ العبدُ العاصي الرجعة إلى الدنيا فلا يؤتاها، بل يقال لهم يوم القيامة: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ١٣٠ ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ١٣١ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ١٣٢ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ