[في التحذير من الدنيا]
  بنفسه، وبعثه إلى خلقه يدعوهم إلى توحيده وعبادته والإقرار بربوبيته والتصديق بنبيه، فصلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى أهل بيته الطاهرين.
  أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن وراءكم من يراقب أعمالكم، وأن كل يوم جديد هو عليكم شاهد عتيد، إن أحسنتم فيه ودَّعكم بحمد، وإن أسأتم فارقكم بذم، واعلموا أن أعماركم قصيرة وأيامكم قليلة فلا تغتروا بالمنى وخدع الشيطان، واشغلوا أوقاتكم بذكر الله وحسن عبادته، وترقبوا مواسم عطاء الله وفضله، وإياكم وتضييع العمر فيما لا يرضي الله {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[فاطر: ٥]، إن الدنيا فتنة ومتاع زائل، والمغترون هم أشد الناس إنزلاقاً في هاوية المنكرات، {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَايَاتِنَا غَافِلُونَ ٧ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٨}[يونس: ٨]، وقال النبي ÷ لأبي ذر: «كن في الدنيا كأنك غريب واعدد نفسك من الموتى، فإذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك لسقمك، ومن شبابك لهرمك، ومن حياتك لوفاتك، فإنك لا تدري ما اسمك غداً»، وقال ÷: «إن أشد ما أتخوف عليكم منه: اتباع الهوى وطول الأمل، فإن اتباع الهوى يبعد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة، وإن الله تعالى يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض، ولا يعطي الآخرة إلا لمن يحب، وإن للدنيا أبناء وللآخرة أبناء فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن كل ولد يُتْبَع بأمه، وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، والآخرة قد تجملت مقبلة، وإنكم في يوم عمل ليس فيه حساب، ويوشك أن تكونوا في يوم حساب ليس فيه عمل».