خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في التحذير من الدنيا]

صفحة 32 - الجزء 1

  فاتقوا الله عباد الله واسألوا ربكم جل وعلا البغض للدنيا فإن خيرها زهيد، وشرها عتيد، وجمعها يبيد، وخيرها يُنَكَّد، وجديدها يبلى، وصفوها يكدر، وإن ما فات منها حسرة، وما أصيب منها فتنة؛ إلا من نالته من الله عصمة، الواثق بها مغرور، والساكن إليها مخذول، من أعزها ذل، ومن كثرها قل، يقول النبي ÷: «من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنةٍ فيها ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها».

  وعنه ÷ أنه قال: «يقول الله، ø،: يا ابن آدم؛ إني ما خلقت هذه الدنيا منذ خلقتها إلا محنة على أهل الإيمان، وما نظرت إليها إلا بعين المقت، فلا تُوَالِها (من الموالاة) فأعاديك».

  ويقول ÷: «يجيء يوم القيامة أقوام أعمالهم كجبال تهامة يؤمر بهم إلى النار، قالوا: يا رسول الله؛ مسلمين؟!، قال: نعم؛ كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهناً من الليل فإذا عرض لهم شيء من الدنيا وثبوا عليه».

  وعنه ÷: «إن ابن آدم لم يُعْطَ شيئاً أفضل من العافية، فاسألوا الله العافية، وعليكم بالبر والصدق فإنهما في الجنة، وإياكم والكذب والفجور فإنهما في النار».

  ألا وإن الله قد أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بالملائكة المسبحة بقدسه وثلث بكم أيها المؤمنون من جنه وإنسه، فقال جل شأنه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}⁣[الأحزاب: ٥٦]، وقال النبي ÷: «من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً»