[في الصلاة]
الخطبة الأولى
[في الصلاة]
  
  الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانح كل غنيمة وفضل، وكاشف كل عظيمة وأزل، أحمده على عواطف كرمه، وسوابغ نعمه، وأؤمن به أولاً بادياً، وأستهديه قريباً هادياً، وأستعينه قاهراً قادراً، وأتوكل عليه كافياً ناصراً، عظم حلمه فعفا، وعدل في كل ما قضى، وعلم ما يمضي وما مضى، مبتدع الخلائق بعلمه، ومنشؤهم بحكمه، بلا اقتداء ولا تعليم، ولا احتذاء لمثال صانع حكيم، ولا إصابة خطأ ولا حضرة ملأ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأول لا شئ قبله، والآخر لا غاية له، لا تقع الأوهام له على صفة، ولا تعقد القلوب منه على كيفية، ولا تناله التجزئة والتبعيض، ولا تحيط به الأبصار والقلوب.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله لإنفاذ أمره، وإنهاء عذره، وتقديم نذه، صلى الله عليه وعلى آله سفن النجاة، وهداة الأمة، ومصابيح الظلم، ومثاقيل العلم، من تمسك بهم نجا، ومن تخلف عنهم غرق وهوى.
  أما بعد: عباد الله؛ فاعلموا أن الله خلق الخلق وهو غني عن طاعتهم، ولا تضره معصيتهم، وأمرهم بعبادته ليكونوا أهلاً للقائه بقلوب سليمة، ويجازيهم على طاعته، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ٥٧ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ٥٨}[الذاريات: ٥٨]، والعبادة أمور شتى، أهمها وأعظمها الصلاة، وقد فرض الله الصلاة على المسلمين للثناء