خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في الصلاة]

صفحة 77 - الجزء 1

  ملاحظته جلال الله وعظمته، ويؤدب جوارحه، فلا التفات ولا حركة غير ما تفرضه أعمال الصلاة من ركوع وسجود وقيام، ولهذا يقول ÷ عندما رأى رجلاً يعبث في الصلاة: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه»، أي لخضعت وسكنت، ومن الخشوع تدبر آيات الله التي تتلى في الصلاة، وتفهمها، والاتعاظ بها، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢}⁣[المؤمنون: ٢]، وقال تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}⁣[البقرة: ٤٥]، أي أن الصلاة ثقيلة على النفوس باستثناء الذين خشعت قلوبهم لله، عز وعلا، وحرصت على القرب منه تعالى، عن النبي ÷ أنه قال: «منكم من يصلي الصلاة الكاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع والخمس حتى بلغ العشر»، ونحن نعلم أنا لا ننقص من ركوعها ولا سجودها، فعلمنا أن النقص يكون من عدم الخشوع لله جل وعلا، وعدم تدبر آيات الله التي تتلى فيها، فلا بد أن يعرف العبد أنه يناجي الله، جل وعلا، فلا بد أن يكون خاضعاً ذليلاً لا يغفل عنه لحظة، فعن النبي ÷ أنه قال: «ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه»، فالصلاة بما تحويه من مراقبة لله وقيام وركوع وسجود له، وما تشمل عليه من معاني القربى له تربط المصلي بخالقه، وتشعره بعلو مكانته، فيرى من آثار ذلك ما يردعه عن إتيان القبائح، فيعلم أن الله هو المنعم عليه بالوجود وبالنعم الوافرة، والهداية المثمرة، وشرفه بالتقرب إليه بالصلاة، فكيف بعد أن عرف هذا كله تطاوعه نفسه على المعصية وقد عرّفنا القرآن ذلك بقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}⁣[العنكبوت: ٤٥]، فالله أمرنا بإقامة