خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في الصلاة]

صفحة 78 - الجزء 1

  الصلاة، ولم يقل: صلوا، لأن الإقامة هي الإتيان بها كاملة بالتوجه إلى الله والخشوع، وتمثل عظمته ورحمته، فإذا أدى المصلي صلاته على وجهها الحقيقي صغرت في عينه الدنيا ولم يتجرأ على الله في المعصية، فكانت الصلاة ناهية إذا كانت بهذه الصفة، أما الإتيان بهيئتها فليست من إقامة الصلاة في شيء قال النبي ÷: «كم من مصلٍ قائم حظه من صلاته التعب والنصب».

  فعلى العبد إن أراد الصلاة أن يطهر ظاهره وباطنه من النجاسات والأحقاد والكبر والرياء والسمعة، وإلا فلا قبول لها من الله، فعن النبي ÷، أن الله ø قال: «إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي»، ثم يتوجه إلى الله وقلبه حاضر ويدافع الشيطان في صلاته ما استطاع ويأتي بصلاته تامٌ قيامها وقراءتها وركوعها وسجودها واعتدالها فمن أخل بشيء من ذلك فليست صلاته مقبولة وليس له منها سوى التعب، فكم من مصلٍ يصلي جميع الصلوات وهو لا يعلم بأنها غير مقبولة، إما للكسر في القراءة، أو هو لا يتم الإعتدال، أو لا يطمئن في الركوع والسجود، فعلينا أن نتعلم ما يجب، فالعلماء موجودون بين أيدينا باذلون لنا ذلك.

  واعلموا عباد الله: أن عقاب تارك الصلاة شديد فقد قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤}⁣[المدثر: ٤٤]، وقال ÷: «أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن أتى بها تامة وإلا زج في النار»، ويترتب على تركها أشياء كثيرة منها ما يحصل في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة، فإضاعة الصلاة سبب للإرتماء في الشهوات فقد قال تعالى في قوم ضيعوا الصلاة بعد أن كان آباؤهم متمسكين بهدي الله: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ