خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[فضل المساجد]

صفحة 88 - الجزء 1

  للمصلين، أو ببنائها، أو تنويرها، أو غير ذلك مما يزينها، ونهى أيضاً عن سل السلاح فيها، وجعلها لفصل الخصومات، والتساؤل عن الضالات، وما إلى ذلك مما يؤذي المصلين المتعبدين، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عِظمية بيوت الله وقدسيتها وعلى فضل العاملين والمصلين والذاكرين.

  أيها المؤمنون: إن الذين يأتون المساجد على اختلاف مراتبهم ونوعياتهم كلهم متساوون، لا يُنْظَر إليهم إلا من زاوية الإيمان العميق والإخلاص لله في العبادة، فأولاهم بالإعزاز والإجلال أتقاهم لله وأوفاهم لعباد الله، وأحرصهم على رعاية حرمات الله، وصيانة مقدسات الله، وقد أرشد الله عباده أن يأخذوا زينتهم إذا ذهبوا إلى بيوت الله، يقول الله تعالى: {يَابَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}⁣[الأعراف: ٣١]، ومن هدي النبي ÷ الإغتسال للجمعة، ولبس حسن الثياب، ومس البدن من الطيب كما روي عنه ÷ أنه قال، ما معناه: «على كل مسلم أن يغتسل يوم الجمعة قبل ذهابه إلى المسجد، ويلبس من صالح ثيابه، وإن كان له طيب مس منه بدنه»، هذا وقد اعتاد الناس لبس أفضل ثيابهم إذا ذهبوا إلى بيوت الآخرين للضيافة والتبادل والزيارات ونحوها فبيوت الله أولى بكل إجلال وتقديس واحترام.

  وقد كانت المساجد ينبوع سكينة، ومدارس عقيدة، ومحاريب عبادة، ومعاهد علم بالحياة، وما ينبغي لها من إخاء صدق، وتعاون وثيق ومواساة بين المؤمنين، بينما قد اختلفت كثيراً عما كانت عليه، ولكننا نأمل إن شاء الله أن يعود لبيوت الله مستقبل زاهر، فتكون أفضل مما كانت عليه من ذي قبل، هذا وإن على كل واعظ إخلاص القول والعمل لله وحده، والتعرف على أمراض المجتمعات الأخلاقية، والبحث بدقة عن أساليب معالجتها بحسب الزمان والمكان وبالموعظة الحسنة، لتكون المواعظ شافية للقلوب