رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(6) - التواضع:

صفحة 99 - الجزء 1

  لَيَضَعُ رَأْسَهُ تَوَاضُعًا لِلَّهِ، حِينَ رَأَى مَا أَكْرَمَهُ اللّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، حَتَّى إِنَّ عُثْنُونَهُ⁣(⁣١) لَيَكَادُ يَمَسُّ وَاسِطَةَ الرَّحْلِ.

  وَهَذَا التَّوَاضُعَ: فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ؟

  وَلَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَدَخَلَهَا ظَافِراً مُنْتِصِراً، وَوَجَدَ رِجَالاَتِ قُرَيْشٍ، جَالِسَيْنِ، مُطَأْطِئ الرُّؤُوسِ، قَدْ تَجَمَّعُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ، يَنْتَظِرُونَ حُكْم رَسُولِ اللَّهِ ÷، الْفَاتِحِ الْمُنْتَصِر عَلَيْهِمْ، مَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ، نَادَاهُمْ قَائِلاً: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَوْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ: مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ».؟

  قَالُوا خَيْرَاً: أَخٌ كَرِيْمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيْمٍ.

  فَقَالَ: «إِذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» ..

  دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ: مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ: مُتَوَاضِعاً رَحِيْماً، مُتَخَشِّعًا، حَامِدًا، شَاكِرًا لِلَّهِ، عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، وَالْعِزِّ، وَالنّصْرِ، الَّذِي أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَالْمُسْلِمِينَ.


(١) الْعُثْنُونُ: اللِّحْيَةُ، أَوْ مَا فَضَلَ مِنْهَا بَعْدَ الْعَارِضَيْنِ، وَقِيلَ: اللِّحْيَةُ كُلُّهَا ...