(6) - التواضع:
  لَيَضَعُ رَأْسَهُ تَوَاضُعًا لِلَّهِ، حِينَ رَأَى مَا أَكْرَمَهُ اللّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ، حَتَّى إِنَّ عُثْنُونَهُ(١) لَيَكَادُ يَمَسُّ وَاسِطَةَ الرَّحْلِ.
  وَهَذَا التَّوَاضُعَ: فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإِسْلاَمَ وَأَهْلَهُ؟
  وَلَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَدَخَلَهَا ظَافِراً مُنْتِصِراً، وَوَجَدَ رِجَالاَتِ قُرَيْشٍ، جَالِسَيْنِ، مُطَأْطِئ الرُّؤُوسِ، قَدْ تَجَمَّعُوا حَوْلَ الْكَعْبَةِ، يَنْتَظِرُونَ حُكْم رَسُولِ اللَّهِ ÷، الْفَاتِحِ الْمُنْتَصِر عَلَيْهِمْ، مَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ، نَادَاهُمْ قَائِلاً: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَوْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ: مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ».؟
  قَالُوا خَيْرَاً: أَخٌ كَرِيْمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيْمٍ.
  فَقَالَ: «إِذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» ..
  دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ: مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ: مُتَوَاضِعاً رَحِيْماً، مُتَخَشِّعًا، حَامِدًا، شَاكِرًا لِلَّهِ، عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، وَالْعِزِّ، وَالنّصْرِ، الَّذِي أَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَالْمُسْلِمِينَ.
(١) الْعُثْنُونُ: اللِّحْيَةُ، أَوْ مَا فَضَلَ مِنْهَا بَعْدَ الْعَارِضَيْنِ، وَقِيلَ: اللِّحْيَةُ كُلُّهَا ...