رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(6) - التواضع:

صفحة 100 - الجزء 1

  لَقَدْ دَخَلَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ دُخُولَ الْمُتَأَدِّبِينَ، الشَّاكِرِينَ، الْمُتَوَاضِعِينَ، وَلَمْ يَدْخُلْهَا دُخُولَ الْمُتَكَبِّرِينَ، الْمُتَجَبِّرِينَ، مُعْتَرِفاً بِعَظِيمِ فَضْلِهِ، لَمْ يَكُنْ مُغْتَرًّا بِنَشْوَةِ النَّصْرِ، وَحَلاَوَةِ الْغَلَبَةِ، عَلَى الأَعْدَاءِ، بَعْدَمَا أَذَلَّ كِبْرِيَاءَ الْمُفْسِدِينَ.

  قَائِدٌ يَظفَرُ بِخُصُومَهِ الَّذِينَ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَقَاتَلُوهُ، وَآذَوْهُ، بِأَنْوَاعِ الأَذِيَّةِ، وَآذَوْا مَنْ آمَنَ بِهِ، ثُمَّ يَظْفَرُ بِهِمْ، وَيَدْخُلُ مَعْقِلَهُمْ دُخُولَ الْفَاتِحِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ عِنْدَ انْتِصَارِهِ عَلَى عَدُوِّهِ، تَوَاضُعًا لِلَّهِ، وَشُكْرًا ..

  هَذِهِ هِيَ أَخْلاَقُ الدَّاعِيَةِ، وَهَذِهِ هِيَ سِمَاتُهُ، حِكْمَةٌ، وَرَحْمَةٌ، وَتَوَاضُعٌ ..

  أَرَأَيْتُمْ تَوَاضُعًا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.

  فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ قَائِدٍ.؟

  وَمَا أَجَلَّهُ مِنْ مُرَبٍّ.؟

  لَقَدْ كَانَ الْمَثَلُ الكَامِل لِلإِنْسَانِيَّةِ جَمْعًا، فِي تَوَاضُعِهِ، وَحُسْنِ خُلُقِهِ، وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ، وَصَفْحِهِ، وَحِلْمِهِ، وَرَحْمَتِهِ، وَإِحْسَانِهِ ..