رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(11) - القدوة الحسنة:

صفحة 175 - الجزء 1

(١١) - القُدْوَةُ الْحَسَنَة:

  مِنَ الأَخْلاَقِ وَالأَوْصَافِ الَّتِي يَنْبَغِي، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا كُلّ طَالِبِ عِلْمٍ، وَكُلُّ دَاعِيَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: الْعَمَلَ بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَالْبُعْدَ عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ قُدْوَةً صَالِحَةً.

  إِنَّ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ كُلّ مُرْشِدٍ وَمُرْشِدَةٍ، وَدَاعِيَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: الْعَمَلُ بِعِلْمِهِ، فَلاَ يُكَذِّبُ فِعْلَهُ قَوْلُهُ، وَلاَ يُخَالِفُ ظَاهِرَهَ بَاطِنَهُ، فَلاَ يَأْمُرُ بِشَيْء إِلاَّ وَيَكُونُ أَوْلَ عَامِلٍ بِهِ، وَلاَ يَنْهَى عَنْ شَيْء إِلاَّ وَيَكُون أَوْلُ تَارِكٍ لَهُ، لِيَفِيدَ وَعْظِهِ، وَإِرْشَادِهِ.

  فَأَمَّا إِنْ كَانَ يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَلاَ يَفْعَلُهُ، وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ وَهَوَ وَاقِعٌ فِيهِ، فَهُوَ بِحَالِهِ عَقَبَةٌ فِي سَبِيلِ الإِرْشَادِ، وَالإِصْلاَحِ، وَهَيْهَاتَ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ، فَإِنَّهُ فَاقِدُ الرُّشْدِ فِي نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَرْشُدُ غَيْرَهُ.؟

  إِنَّ مِنْ صِفَاتِ الْمُرْشِدِ وَالْمُعَلِّم النَّاجِحِ: أَنْ يَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً، وَأَنْ لاَ تَكُونَ أَفْعَالهُ مُخَالِفَة لأَقْوَالِهِ.

  فَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى عَدَمِ الانْتِفَاعِ بِكَلاَمِ مَنْ لاَ يَعْمَل بِعِلْمِهِ، وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ.