(2) - الإخلاص لله تعالى:
  فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَشَرَفِ مَنْزِلَةِ أَهْلِهِ، بِحَيْثُ إِذَا اهْتَدَى رَجُلٌ وَاحِدٌ بِالْمُرْشِد كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَحُمْرُ النَّعَمِ الإِبِلُ الْحُمْرُ أَعَزُّ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، فَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ خَيْرِ الدُّنْيَا كُلِّهِ.
  فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ يَهْتَدِي كُلَّ يَوْمٍ بِهِ طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ ..؟
  وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ÷ عَلِيًّا # إِلَى الْيَمَنِ فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً فَلَمَّا مَضَى، قَالَ: يَا أَبَا رَافِعٍ، الْحَقْهُ وَلاَ تَدْعُهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَلْيَقِفْ وَلاَ يَلْتَفِتُ حَتَّى أَجِيئَهُ، فَأَتَاهُ فَأَوْصَاهُ بِأَشْيَاءَ، فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ: لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ عَلَى يَدِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» ..
  أَيْ: خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
  هَذِهِ الْوَصِيَّة الْغَالِيَة، وَالكَلِمَةُ الطَيِّبَةُ، مِنْ أَهَمِّ مَا وَصَّى بِهِ النَّبِيُّ ÷ عَلِيًّا، وَقَدْ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ مُعَلِّمًا وَمُرْشِدًا، وَفِي الْحَقِيقَةِ: فَإِنَّهَا وَصِيَّةٌ لِلأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ جَمْعًا، لأَنَّ هِدَايَةَ الْخَلْقِ وَإِرْشَادَهُمْ، هِيَ غَايَةُ الشَّرْعِ وَمَقْصُودهُ.