رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(6) - التواضع:

صفحة 98 - الجزء 1

  فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ÷: «هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ» قَالَ: ثُمَّ تَلاَ جَرِيرُ: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}.

  وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِيْنَ، حَسْمًا لِمَوَادِّ الْكِبْرِ، وَقَطْعًا لِذَرَائِعِ الإِعْجَابِ، وَكَسْرًا لأَشَرِ النَّفْسِ وَبَطرِهَا، وَتَذْلِيلاً لِسَطْوَةِ الاسْتِعْلاَءِ.

  وَمِنْ تَوَاضُعِهِ لِرَبِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ، مُنْحَنِيًا عَلَى فَرَسِهِ، حَتّى إِنَّ ذَقْنَهُ تَكَادُ تَمَسُّ سَرْجَهُ تَوَاضُعًا لِرَبِّهِ، وَخُضُوعًا لِعَظَمَتِهِ، وَاسْتِكَانَةً لِعِزَّتِهِ.

  فَعَنْ أَنَسٍ ¥، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَذَقْنُهُ عَلَى رَحْلِهِ مُتَخَشِّعًا.

  وَرَوَى: ابْنُ إِسْحَاقَ، فِي السِّيرَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ÷: لَمّا انْتَهَى إلَى ذِي طُوًى وَقَفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُعْتَجِرًا بِشِقّةِ بُرْدٍ حِبَرَةٍ حَمْرَاءَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ÷: