[عدم الاكتفاء بمنزلة التوبة وطلب منزلة المريدين]
  بعدها منزلة(١) المريدين؛ فإنَّ من رضي لنفسه بمنزلة من المنازل ولم يطلب ما بعدها لم يثبت عليها بل ينكص على عقبيه، وعلى هذا يحمل ما روي عن النبي ÷ من قوله: «مَنْ اسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ»(٢). وإنما يكون ذلك كذلك؛ لأن العقل والهوى يتجاذبان، فمتى لم يكن العبد مع العقل قاهرًا لهواه غلبه الهوى؛ لأن دواعي الهوى أقوى من دواعي العقل، ألا ترى أن اتباع الهوى لا يخرج إلى المجاهدة (واتباع العقل يخرج إلى المجاهدة)(٣) ولقوة دواعي الهوى تجد المتبعين للهوى أكثر من المتبعين للعقل؛ ولذلك قال الله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ١٣}[سبأ: ١٣] {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ}[ص: ٢٤]. فمتى توقف العبد عن المجاهدة ورضي بالمنزلة التي حَصَلَتْ له غَلَبَهُ الهوى فرده وراءه، نعوذ بالله من ذلك ونسأله العصمة والتوفيق.
(١) في (هـ) طلب ما بعدها حالة.
(٢) رواه الموفق بالله في سلوة العارفين ص ٣٠٧. والديلمي ٣/ ٦١١ رقم ٥٩١٠ مرفوعا إلى الإمام علي وتمامه: «ومن كان غده شرًا من يومه فهو ملعون ومن لم يكن في الزيادة فهو إلى النقصان ومن كان إلى النقصان فالموت خير له».
(٣) ما بين القوسين ساقط من (هـ).