سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الإرادة

صفحة 55 - الجزء 1

باب الإرادة

  اعلم أن الإرادة: هي طلب الانقطاع إلى الله ø من كل ما سواه، قال تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ٨}⁣[المزمل: ٨] قيل في التفسير: اخْلُصْ له إخلاصًا⁣(⁣١)، وقال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ٥٠}⁣[الذاريات: ٥٠].

  وروي عن النبي ÷ أنه قال: حاكيًا⁣(⁣٢) عن الله تعالى «يا ابن آدم⁣(⁣٣) تَفَرَّغْ لعبادتي أمْلأُ قلبك غنًى، وأملأُ يديك رزقًا. يا ابن آدم لا تَباعَدْ عني فأملأ قلبك فقرًا، وأملأ يديك شغلاً»⁣(⁣٤).

  وعن أمير المؤمنين # أنه قال: كفى بالعبد أدبًا أن لا يشارك غير الله مع الله في همه.

  وقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ٥٧}⁣[الذاريات: ٥٦ - ٥٧] فَبَيَّنَ سبحانه الغرض في خلقهم ليدعوهم إلى الانقطاع إليه والتوفر على عبادته.

  وقال الله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ٢ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ


(١) تفسير غريب القرآن للإمام زيد ٣٥٣، ومعاني القرآن للفرآء ٢/ ١٩٨.

(٢) في (هـ، ش) جاءني.

(٣) في (ص) ابن آدم.

(٤) أخرجه الحاكم عن معفل بن يسار ٤/ ٣٢٦. وقال: صحيح ووافقه الذهبي.