سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[عدم الاكتفاء بمنزلة التوبة وطلب منزلة المريدين]

صفحة 60 - الجزء 1

  ومِنْ شاهد ذلك في نفسك أنك إذا اعترض لك أمران ميزتهما بالعلم؛ فإذا كشف لك التمييز بالعلم عن أفضلهما عملت بالأفضل⁣(⁣١) ولم ترض لنفسك بالمفضول، فإذا كنت كذلك كنت صادقًا، وكان الله تعالى لهمك رافعًا، فإذا ارتفع همُّك وَقَويَ علمك كان ذكر الله تعالى السابق إليك، العاطف بقربه عليك⁣(⁣٢)، ولم تر شيًئا أقرب إليك منه ولا أقرب منك إليه، فإذا خلص لك ما وصفنا - فاعْتَدَلَ واستوى - لم تكن ظاعنا إلا إليه، ولا نازلاً إلا عليه، والعلم من وراء ما أوصيتك به؛ فاعمل بوصيتي تنل بها من العلم ما وراء ذلك.

  تمت وصية الجنيد ¦.

  وقال بعض الحكماء: علامة المريد إذا صدق في عزمه رفض الدنيا إذا كانت شاغلة للقلب ومفترة له⁣(⁣٣) عن طاعة الله، وأحواله في الزيادة على حسب الكد والاجتهاد والانكماش والمبادرة وحمل النفس على المكاره، ومفارقة الراحة، ومجانبة الرفاهية؛ (ليصحب من يريد وليتقوى على ما يريد)⁣(⁣٤).


(١) في (ش) ركبت الأفضل وبالأجزل.

(٢) في بعض النسخ: إليك.

(٣) في (ص) ومصرفة.

(٤) في (ص) وليصحب ما يريد. وفي (هـ) وليصحب من يريد ما يريد لتزداد قوة إرادته وليستوحش من يريد ما لا يريد.