[عدم الاكتفاء بمنزلة التوبة وطلب منزلة المريدين]
  ومِنْ شاهد ذلك في نفسك أنك إذا اعترض لك أمران ميزتهما بالعلم؛ فإذا كشف لك التمييز بالعلم عن أفضلهما عملت بالأفضل(١) ولم ترض لنفسك بالمفضول، فإذا كنت كذلك كنت صادقًا، وكان الله تعالى لهمك رافعًا، فإذا ارتفع همُّك وَقَويَ علمك كان ذكر الله تعالى السابق إليك، العاطف بقربه عليك(٢)، ولم تر شيًئا أقرب إليك منه ولا أقرب منك إليه، فإذا خلص لك ما وصفنا - فاعْتَدَلَ واستوى - لم تكن ظاعنا إلا إليه، ولا نازلاً إلا عليه، والعلم من وراء ما أوصيتك به؛ فاعمل بوصيتي تنل بها من العلم ما وراء ذلك.
  تمت وصية الجنيد ¦.
  وقال بعض الحكماء: علامة المريد إذا صدق في عزمه رفض الدنيا إذا كانت شاغلة للقلب ومفترة له(٣) عن طاعة الله، وأحواله في الزيادة على حسب الكد والاجتهاد والانكماش والمبادرة وحمل النفس على المكاره، ومفارقة الراحة، ومجانبة الرفاهية؛ (ليصحب من يريد وليتقوى على ما يريد)(٤).
(١) في (ش) ركبت الأفضل وبالأجزل.
(٢) في بعض النسخ: إليك.
(٣) في (ص) ومصرفة.
(٤) في (ص) وليصحب ما يريد. وفي (هـ) وليصحب من يريد ما يريد لتزداد قوة إرادته وليستوحش من يريد ما لا يريد.