[ترك الشبهات والمباحات]
[ترك الشبهات والمباحات]
  واعلم أن أصلَ هذا الباب وملاكَه وما يدور عليه هو مجانبة الشبهات في ترك ما أمكن تركه من المباحات، وبحسب ما يترك العبد من المباح يكون فوزه بالنجاح، وظفره بالمطلوب، ونيله للمحبوب. وبحسب استغنائه منه وتمتعه به يفتر سيره ويضعف عزمه وإرادته، وتَهِنُ إرادته، ويُنشِبُ العدو فيه أظفاره ومخالبه. فمن عزم على طلب الانقطاع إلى الله ø (واستحقاق اسم المريدين فليوطن نفسه على ترك ما أمكن تركه من المباح، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ٧٢}[الفرقان: ٧٢]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ٣}[المؤمنون: ٣] فكل ما لا يعنيك فهو من اللغو.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «مِنْ حُسْنِ إِسلامِ المرِء تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيِه»(١) وأصل ترك المباح - الذي لا بد للمريد منه، ولا يستقيم أمره دونه، ولا يستقيم إلا عليه، ولا يملك زمام قلبه إلا به - هو ملازمة الصمت، ومداومة الجوع والعطش، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «(من عرف الله تعالى وعظمته)(٢)؛ منع فاه من الكلام، وبطنَه من الطعام، وفرجَه من الحرام».
(١) مجمع الزوائد ١٠/ ٢٢٣ - ٢٢٤.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ش).