سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب العبادات

صفحة 84 - الجزء 1

  صنعت)⁣(⁣١) بنفسك، وقد ثفنت جبهتك، وانخرم أنفك من السجود، وقد ثفنت ركبتاك وراحتك وعقبك، وكأنك شيء بال، أو سنبلة تميلها الرياح، أشهد يا علي بن الحسين أنك ممن يتشفع بك إلى الله تعالى يوم القيامة، فقال له علي بن الحسين: يا وضين بن عطاء قد قَبُحَتْ بهجةُ الدنيا في عيني، وذقت حلاوتها فوجدتها مُرَّةً، واستوى عندي رطبها ويابسها، وذهبها وفضتها، وكأني أنظر إلى عرش ربي⁣(⁣٢)، وأهل الجنة في الجنة كيف يتنعمون، وأهل النار في النار كيف يعذبون، فأسهرتُ ليلي وأظمأتُ نهاري، وقليل مَا أنا فيه في جنب ثواب الله ربي وخوف عقابه.

  وروي أن رجلاً سأل النبي ÷: أن يسأل له المغفرة، فقال ÷: «أعِنِّي بِكَثرة السُّجودِ»⁣(⁣٣). وروي: أقربُ ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد⁣(⁣٤).

  وروي عن بعضهم قال: حضرت وفاة أبي القاسم الجنيد فلم يزل ساجدًا فقلت له: يا أبا القاسم ألست قد بلغت هذا المكان وبلغ منك ما أرى من الجهد! لو استرحت، فقال: أحوج ما كنت إليه الساعة، ولم يزل ساجدًا حتى فارق الدنيا⁣(⁣٥).


(١) في (ص): ما زاد على ما أنت صانع.

(٢) في (ش، هـ) أرى عرش.

(٣) رواه أحمد بما يوافق ذلك ٥/ ٤٣٩ رقم ١٦٠٧٦ في رجل سأله الشفاعة يوم القيامة.

(٤) مسلم ١/ ٣٥٠، وأبو داود ١/ ٥٤٥ رقم ٨٧٥، والنسائي ٢/ ٢٢٦ وغيرهم.

(٥) ذكر في شذرات الذهب ٣/ ٤١٧، والبداية والنهاية ٣/ ٤١٧. بما يوافق ذلك.